إنّا لا نشكّ في أنّ ما نجده من الموجودات الممكنة معلولة منتهية إلى الواجب تعالى وأنّ كثيراً منها - وخاصّة في الماديّات - تتوقّف في وجودها على شروط لا تحقّق لها بدونها،كالإنسان الّذي هو ابن، فإنّ لوجوده توقّفاً على وجود الوالدين وعلى شرائط أخرى كثيرة زمانيّة ومكانيّة، وإذ كان من الضروريّ كون كلّ ممّا يتوقّف عليه جزءًا من علّته التامّة، كان الواجب تعالى على هذا جزء علّته التامّة لا علّة تامّة وحدها.
نعم هو بالنسبة إلى مجموع العالم علّة تامّة، إذ لا يتوقّف على شيء غيره، وكذا الصادر الأوّل الّذي تتبعه بقيّة أجزاء المجموع، وأمّا سائر أجزاء العالم، فإنّه تعالى جزء علّته التامّة ضرورة توقّفه على ما هو قبله من العلل، وما هو معه من الشرائط والمعدّات.
هذا إذا اعتبرنا كلّ واحد من الأجزاء بحياله، ثمّ نسبنا وحده إلى الواجب تعالى.
وههنا نظر آخر أدقّ وهو أنّ الارتباط الوجوديّ الّذي لا سبيل إلى إنكاره بين كلّ شيء وبين علله الممكنة وشروطه ومعدّاته يقضي بنوع من الاتّحاد والاتّصال بينها، فالواحد من الأجزاء ليس مطلقاً منفصلاً، بل هو في وجوده المتعيّن مقيّد بجميع ما يرتبط به متّصل الهويّة بغيرها.
فالإنسان الابن الّذي كنّا نعتبره في المثال المتقدّم بالنظر السابق موجوداً مستقلّاً مطلقاً، فنجده متوقّفاً على علل وشروط كثيرة، والواجب تعالى أحدها يعود بحسب هذه النظرة هويّة مقيّدة بجميع ما كان يعتبر توقّفه عليه من العلل والشرائط غير الواجب تعال،ى فحقيقة زيد مثلاً هو الإنسان ابن فلان وفلانة المتولّد في زمان كذا ومكان كذا، المتقدّم عليه كذا وكذا، المقارن لوجوده كذا وكذا من الممكنات.
فهذه هو حقيقة زيد مثلاً، ومن الضروريّ أنّ ما حقيقته ذلك لا تتوقّف على شيء غير الواجب، فالواجب هو علّته التامّة الّتي لا توقّف له على غيره، لا حاجة له إلى غير مشيّته، وقدرته تعالى بالنسبة إليه مطلقة غير مشروطة ولا مقيّدة، وهو قوله تعالى: (يَخْلُقُ اللهُ ما يَشاءُ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).
قوله تعالى: (لَقَدْ أَنْزَلْنا آياتٍ مُبَيِّناتٍ وَاللهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) يريد آية النور وما يتلوها المبيّنة لصفة نوره تعالى والصراط المستقيم سبيله الّتي لا سبيل للغضب والضلال إلى من اهتدى إليها كما قال: (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ) (الحمد: 7)..
وتذييل الآية بقوله: (وَاللهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) هو الموجب لعدم تقييد قوله: (لَقَدْ أَنْزَلْنا آياتٍ مُبَيِّناتٍ) بلفظة إليكم بخلاف قوله قبل آيات: (لَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ آياتٍ مُبَيِّناتٍ وَمَثَلًا مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ).
إذ لو قيل: لقد أنزلنا إليكم آيات مبيّنات والله يهدي. تبادر إلى الذهن أنّ البيان اللفظيّ هداية إلى الصراط المستقيم وأنّ المخاطبين عامّة مهديّون إلى الصراط المستقيم وفيهم المنافق والّذين في قلوبهم مرض والله العالم.
السيد محمد حسين الطبطبائي
الشيخ محمد الريشهري
عدنان الحاجي
محمود حيدر
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
السيد عباس نور الدين
الشيخ محمد مصباح يزدي
الشيخ محمد جواد مغنية
الدكتور محمد حسين علي الصغير
الشيخ فوزي آل سيف
الشيخ علي الجشي
حسين حسن آل جامع
ناجي حرابة
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبد الوهّاب أبو زيد
فريد عبد الله النمر
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان
مدى قدم الشيعة في التفكير الفلسفي والكلامي في الإسلام
أمثال لقمان في الأمّة الإسلامية
دورة هرمونية يومية للرجال
عندما تصبح أخلاق الغرب لعبة إيديولوجية
بقاء الروح في القرآن
لماذا سيصبح التشيع مذهبًا عالميًّا
القرآن وسبل تربية المجاهدين وتشجيعهم على الجهاد (1)
الإمامة وفكرة العصمة
المعرفة
إبراهيم وقومه والتوحيد