الشيخ محمد هادي معرفة
1ـ ذكرت التوراة: أنّ الّذي صَنَع العجلَ هو هارون أخو موسى (عليه السلام).
وجاء في سورة طه: أنّه السّامري، في ثلاثة مواضع، وأنَّ هارون أراد منعهم من ذلك فلم يستطع: {قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلَا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ وَلَا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}[الأعراف: 150].
2 ـ وذكرت: أنَّ موسى لمّا حَمَيَ غضبُه طرح اللّوحَينِ من يديه وكسرهما.
وجاء في القرآن: أنّه ألقى الألواح ـ لكنّها لم تتكسَّر ـ ومِن ثمّ {وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ}[الأعراف: 154].
3 ـ وذكرت: أنّ موسى أخذ العجل وأحرقه وطحنه وذرّاه في ماءٍ وسقاه بني إسرائيل.
وجاء في القرآن: أنّه حرّقه ونسفه في اليمّ نسفاً.
4 ـ وجاء في القرآن: أنّهم اتّخذوا {عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ}[الأعراف: 148] و [طه: 88]، لكنّه لا يكلّمهم ولا يُرجع إليهم قولاً.
وقد سكتت التوراة عن ذلك.
5 ـ وجاء في القرآن قولةُ السامري: {قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي}[طه: 96].
وسكتت التوراة عن ذلك. وحَسَبَ الأُستاذ عبد الوهاب النجّار، أنّ هناك وجهاً سادساً للفرق بين القرآن والتوراة بشأن قصَّة العجل، قال: والّذي يظهر من عبارة سِفر الخروج: أنّ ذهاب الشيوخ السبعين كان قبل عبادة العجل، وأمّا القرآن، فإنّه يَذكر أنّه ذهب لتلقّي الألواح قبل عبادتهم العجل، وذهب مع الشيوخ السبعين بعد ذلك، وهذا هو المعقول.
والّذي أوقع الأُستاذ في هذا الوهم، أنّه وجد قوله تعالى: {وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقَاتِنَا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّ}[الأعراف: 155]، بعد قصّة العجل في نفس السورة.
لكن الثَبْتُ الموجود في المُصحف الشريف لا يَصلح دليلاً على الترتيب في الحوادث التي يذكرها القرآن، بل لا دليل فيه على أنّ النزول كان على نفس ترتيب الثّبت، حسبَما نَبّهنا عليه في الجزء الأَوّل من التمهيد. من ذلك، قصّة ذبح البقرة، ثبتت في المُصحف قبل قصّة درءِ القتل في بني إسرائيل.
على أنّ في القرآن ما يشهد بوقوع مأساة العجل بعد ذهاب الشيوخ السبعين للميقات:
أوّلاً: أنّ ذهاب الشيوخ السبعين كان حسب الوعد للميقات، وقد صرّحت الآيات بأنّ مأساة العجل وقعت بعد هذا الميقات الذي طال أربعين ليلة.
قال تعالى: {وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ }[الأعراف: 142] ـ إلى قوله ـ {وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ}[الأعراف: 148].
وقال بشأن السبعين رجلاً: {وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقَاتِنَ}[الأعراف: 155].
أما فَعْلُ السفهاء الذي يعتذر منه موسى، فهو طلبهم الرؤية: {يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ}[النساء: 153].
ثانياً: التصريح بذلك في سورة النساء: {فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ} [النساء: 153].
ومن المعلوم أنّ هؤلاء الشيوخ السبعين إنّما صحبوا موسى للميقات؛ لإبلاغ رسالة القوم في طلب الرؤية، ومِن ثَمّ جاء في سورة طه: {وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَا مُوسَى * قَالَ هُمْ أُولَاءِ عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى (84) قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ}[طه: 83 – 85].
الشيخ محمد هادي معرفة
السيد محمد حسين الطهراني
السيد محمد حسين الطبطبائي
السيد محمد باقر الصدر
السيد جعفر مرتضى
الشيخ فوزي آل سيف
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
الشيخ محمد الريشهري
الدكتور محمد حسين علي الصغير
الشيخ جعفر السبحاني
الشيخ علي الجشي
حسين حسن آل جامع
ناجي حرابة
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبد الوهّاب أبو زيد
فريد عبد الله النمر
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان
اشتقاق لفظة القرآن
القرآن مجد وعظمة ومتانة ووضوح
الفلسفة، أهدافها ومراكزها
الاعتقاد بعقل الآخرين
الإمام الجواد (ع) ومحنة الإمامة
الإمام الجواد (ع) الزعيم والقائد والوصي
إمامة الجواد عليه السلام ظاهرة وإعجاز
مواقف تجاه إمامة الجواد عليه السلام
كيف ينشأ العلم الإجمالي؟
موجز عن تاريخ الشيعة الاثني عشرية