
لا شك أن هناك العديد من الطرق التي جعلها الله تعالى لتساعد العبد على الارتباط به فجعل الصلاة وجعل الصوم وجعل العبادات كلها بل جعل الكثير من الطرق حتى قال تعالى: (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ)[1].
ولم ينحصر الارتباط بأفعال عبادية معينة فقط، فحتى النظر إلى وجه العالم طريق ارتباط بالله تعالى كما في الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وآله: "النظر إلى وجه العالم عبادة"[2].
وجعل الكثير من أبواب الرحمة التي أكثر تعالى منها لسعة رحمته وشدة رأفته، ففتح باب التوبة وباب الشفاعة... وهذا أيضاً مما لا شك فيه، ولكن باعتبار أن فتح الأبواب بيد المولى تعالى يُطرح هذا السؤال: هل التوسّل هو من الأبواب التي فتحها الله تعالى؟ وبالتالي يمكننا الدخول إلى ساحة رحمته من هذا الباب؟
لا مانع في الأصل من فتح هذا الباب، وهو لا يتنافى مع الصفات الإلهية بل على العكس فرحمته تعالى أوسع من أن تضيق عن فتح أبواب كهذه ليرد من خلالها العباد. فليس الكلام في إمكان ذلك، بل الكلام في ثبوته، فهل هناك دليل شرعي يدل على شرعية التوسل؟ عندما نراجع القرآن الكريم والروايات الشريفة سنجد الكثير من الأدلة الدالة على ذلك، وسنستعرضها فيما يلي:
أدلة التوسل:
هناك نوعان من الأدلة الدالة على تشريع التوسل:
النوع الأول: النصوص الشرعية التي تنقل قصص التوسل الواقعة من الأنبياء أو من غيرهم مع عدم الاعتراض عليهم في ذلك، ومن هذه النصوص:
1- إن آدم عليه السلام قد توسل بالرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) كما تقول الرواية: "... قال: ربّي أسألك بحقّ محمّد لما غفرتَ لي، فقال الله (عز وجل): يا آدم، كيف عرفت محمّداً ولم أخلقه؟ قال: لأنك يا ربّ لمّا خلقتني بيدك ونفخت فيّ من روحك رفعت رأسي فرأيت على قوائم العرش مكتوباً: لا إله إلاّ الله محمّد رسول الله، فعلمت أنّك لم تُضِفْ إلى اسمك إلاّ أحبّ الخلق إليك..."[3].
2- أبناء يعقوب عليه السلام بعدما كُشِفَ أمرهم وبان ظلمهم توسّلوا بدعاء أبيهم النبيّ وقالوا له: (قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ)[4].
3- اليهود أيضًا كانوا يتوسلون بنبينا الأكرم صلى الله عليه وآله ففي الرواية عن ابن عباس قال: كانت يهود خيبر تقاتل غطفان... فكلّما التقوا هزمت اليهود، فعاذت بهذا الدعاء: "اللّهمّ إنّا نسألك بحقّ محمد النبي الأمّي الذي وعدتنا أن تخرجه لنا آخر الزمان إلاّ نصرتنا عليهم"، فكانوا إذا دعوا بهذا الدعاء هزموا غطفان... فلما بُعث صلى الله عليه وآله كفروا به فأنزل الله تعالى: (وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُم مَّا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ ۚ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ)[5].
النوع الثاني: النصوص الشرعية التي تشرّع التوسل بشكل صريح:
1- قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)[6]. وهذه الآية لا تدل على مجرد جواز التوسل، بل تعتبر أمراً مطلوباً وراجحاً.
2- قوله تعالى: (وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحِيما)[7]. فهذه الآية الشريفة تؤكد التوسل بالنبي صلى الله عليه وآله لمن ظلم نفسه، فعلى هؤلاء أن يأتوا إلى النبي صلى الله عليه وآله ليستغفر لهم الله تعالى، وحينئذٍ سيجدون الله تواباً رحيماً. وهذا واضح في كون التوسل باب من أبواب رحمته تعالى.
3- قوله تعالى: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رُسُولُ اللهِ لَوَّوْا رُؤُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُم مُسْتَكْبِرُون). فهذه الآية الكريمة ذمت الذين يرفضون إتيان رسول الله صلى الله عليه وآله ليكون وسيلتهم إلى الله تعالى فيستغفر لهم، وذمت استكبارهم عن ذلك.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
معرفة أهل البيت (عليهم السلام) - جمعية المعارف الإسلامية الثقافية
[1] - سورة فصلت، الآية/53.
[2] - بحار الأنوار، ج1، ص195.
[3] - دلائل النبوة ومعرفة أحوال صاحب الشريعة، ج5، ص489، ط دار الكتب العلمية بيروت.
[4] - سورة يوسف، الآية/97.
[5] - سورة البقرة، الآية/89.
[6] - سورة المائدة، الآية/35.
[7] - سورة النساء، الآية/64.
كيف يخاف النبي موسى عليه السلام من اهتزاز العصا؟!
السيد جعفر مرتضى
العالم كما نراه... وتأثير هذه الرؤية على نفوسنا
السيد عباس نور الدين
حقّانية المثنّى كمبدأ أنطولوجي (7)
محمود حيدر
شكل القرآن الكريم (4)
الدكتور محمد حسين علي الصغير
الأدوية المعنويّة والأدوية المادّيّة
الشيخ علي رضا بناهيان
الإيمان والطّمأنينة
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ}
الشيخ عبد الله الجوادي الآملي
الاعتراف بالذنوب يقرّبنا إلى الله
الشيخ محمد مصباح يزدي
طرق الوقاية والعلاج من حبّ الدنيا
الشيخ مجتبى الطهراني
الهداية والإضلال
الشيخ شفيق جرادي
السيدة الزهراء: حزن بامتداد النّبوّات
حسين حسن آل جامع
اطمئنان
حبيب المعاتيق
أيقونة في ذرى العرش
فريد عبد الله النمر
سأحمل للإنسان لهفته
عبدالله طاهر المعيبد
خارطةُ الحَنين
ناجي حرابة
هدهدة الأمّ في أذن الزّلزال
أحمد الرويعي
وقف الزّمان
حسين آل سهوان
سجود القيد في محراب العشق
أسمهان آل تراب
رَجْعٌ على جدار القصر
أحمد الماجد
خذني
علي النمر
كيف يخاف النبي موسى عليه السلام من اهتزاز العصا؟!
كم ساعة يجب أن تنام وفقًا لعمرك؟
العالم كما نراه... وتأثير هذه الرؤية على نفوسنا
حقّانية المثنّى كمبدأ أنطولوجي (7)
شكل القرآن الكريم (4)
الأدوية المعنويّة والأدوية المادّيّة
الإيمان والطّمأنينة
{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ}
شكل القرآن الكريم (3)
حقّانية المثنّى كمبدأ أنطولوجي (6)