مقالات

أولياء اللّه قدوة في السلوك

الإمام الخامنئي "دام ظلّه"

 

إنّ التشبّه بالأكابر والانتساب إلى الأولياء من عمل أذكياء العالم. كل امرئ يبحث عن أسوة له، لكن التوفيق لا يحالف الجميع في انتهاج منهج الصواب عند البحث عن الأسوة.

 

لو سألت بعض الأشخاص في هذا العالم عن الشخصية التي أثارت انتباهه واجتذبته إليها، تجده يقتفي أثر أناس وضيعين وتافهين أمضوا أعمارهم في عبودية هوى النفس ولا يتقنون سوى ما يغتر به المغفّلون وهو لا يتعدى إلهاء بعض السذّج والغافلين فتصبح أمثال هذه الشخصيات قدوات للناس العاديين في هذا العالم.

 

البعض يقتدي بشخصيات سياسية وتاريخية وما شابه ذلك ويتخذها أسوة له، لكن أذكى الناس من يتخذ أولياء اللّه أسوة وقدوة له؛ لأنّ من أبرز الخصائص التي يتسم بها أولياء اللّه أنهم على درجة من الشجاعة والقوة والاقتدار بحيث يصبحون أسيادًا على نفوسهم لا عبيدًا أذلاء لها.

 

ينسب إلى أحد الفلاسفة والحكماء القدماء أنه قال للإسكندر المقدوني: أنت عبد عبدي.

 

فتعجب الإسكندر من قوله وغضب عليه. فقال له: لا تغضب؛ فأنت عبد شهوتك وغضبك؛ إذا طلبت شيئًا أو غضبت، اضطربت ولم تصبر، وهذه عبودية للشهوة والغضب، أما أنا فسخرتهما حتى صارا عبدين لي.

 

قد تكون هذه القصة حقيقية، وقد لا تكون كذلك. إلّا أنّها صحيحة بالنسبة لأولياء اللّه والأنبياء العظام عليهم السّلام، ومعالم طريق الهداية الإلهية للبشرية، ومن الأمثلة عليها يوسف، وإبراهيم، وموسى عليه السّلام.

 

وهناك أمثلة متعددة لذلك في حياة أولياء اللّه. وأذكى الناس هو من يتخذ هؤلاء الأكابر وهذه الشخصيات الشجاعة المقتدرة أسوة، ويكسبون لأنفسهم عن هذا الطريق أسباب الاقتدار والعظمة باطنيًّا ومعنويًّا.

 

وفيما بين هؤلاء الأولياء والأكابر أنفسهم توجد شواخص مميزة. ولا شكّ أنّ أبا عبد اللّه الحسين عليه الصلاة والسّلام من أبرز هذه الشواخص.

 

حقًّا يجب القول إنّ نور الحسين بن علي وأهل بيته عليهم السّلام يسطع كالشمس لا علينا نحن الناس الترابيين الصغار فحسب، بل وعلى كل عوالم الوجود وأرواح الأولياء والأكابر، والملائكة المقربين، وعلى جميع عوالم الوجود المتداخلة في بعضها، المعروفة أو المجهولة بالنسبة لنا. ومن مشى في هدي نور هذه الشمس فقد جاء بعمل كبير سام.

 

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد