عن الإمام الصادق عن آبائه أن النبي أوصى عليًّا بوصايا عديدة، منها قوله: (يا علي أفضل الجهاد من أصبح لا يهم بظلم أحد... إن اللّه أحب الكذب في الصلاح، وأبغض الصدق في الفساد... ومن ترك الشر لغير اللّه. سقاه من الرحيق المختوم. فقال علي: لغير اللّه! قال: نعم، واللّه صيانة لنفسه يشكره اللّه على ذلك يا علي ثلاثة لا تطيقها هذه الأمة: المساواة للأخ في ماله، وإنصاف الناس من نفسه، وذكر اللّه على كل حال وليس هو سبحان اللّه والحمد للّه ولا إله إلا اللّه واللّه أكبر ولكن إذا ورد على ما يحرم عليه خاف اللّه عز وجل وتركه...).
ونستنتج من هذه الوصية الحقائق التالية:
1 - ليس في الأخلاق حقيقة مطلقة، ومبدأ ثابت لا يتغير ولا يتبدل مهما تكن الظروف والنتائج، بل كل ما يترتب عليه الخير يكون فضيلة، وكل ما يترتب عليه الشر يكون رذيلة، فالصدق حسن ما دام نافعًا، والكذب قبيح ما دام ضارًّا، فإذا ما أضر الصدق، ونفع الكذب انعكست الآية.
ومن هنا قال الفقهاء: يجوز الكذب إذا توقف عليه ردع الظالم عن ظلمه، ويحرم الصدق إذا أدى إلى الفتنة والنميمة، أو هلاك نفس بريئة، ومثلوا بما لو طاردت السلطة المعتدية أحد المصلحين، واختفى عنها فرارًا من البغي والعدوان، فعلى من يعلم بمكانه أن ينكر معرفته به؛ لو سئل عنه، قال الإمام الصادق: من سئل عن مسلم فصدق، وأدخل عليه مضرة كتب من الكاذبين ومن سئل عن مسلم فكذب، فأدخل عليه منفعة كتب عند اللّه من الصادقين.
2 - إن أي عمل فيه شيء من الإنسانية فهو محبوب عند اللّه، سواء أقصد الفاعل ثواب اللّه أو لم يقصد، لأن الخير ينصرف بطبعه إليه سبحانه، فمن ترك الشر لذات الشر، وتجرد عن أنانيته فقد أرضى اللّه عن نفسه، واستوجب الشكر، تمامًا كمن يدفع الحق لذات الحق لا خوفًا ولا طمعًا.
قال غاندي: (إن اللّه أعظم ديمقراطي عرفه العالم) فليس من الضرورة لأن تكون صالحًا أن تنوي امتثال أوامر اللّه ونواهيه فيما تفعل وتترك - في غير العبادات طبعًا - فكل من سار على طريق الخير والإنسانية فقد سار على طريق اللّه سبحانه، هذا مع العلم بأن الجاحد لا يستأهل الثواب يوم الحساب....
أما قوله: (أفضل الجهاد من أصبح لا يهم بظلم أحد). فهو أبلغ تعبير عن فداحة الظلم، وأنه خطيئة لا يعدلها شيء.
3 - أن التسبيح والتهليل، والصيام والصلاة، كل ذلك، وما إليه لا يجدي عند اللّه شيئًا إذا لم يتورع المرء عن المحارم، ويكف عما يعرض له من الشهوات. قال الإمام الصادق: من أحب أن يعلم ما يدرك من نفع صلاته، فلينظر، فإن كانت قد حجزته صلاته عن الفواحش والمنكر فإنما أدرك من نفعها بقدر ما احتجز.
وروي أن نبي اللّه موسى مر برجل، وهو ساجد، فتركه ومضى، ثم عاد فوجده ساجدًا، فقال له موسى: لو كانت حاجتك بيدي لقضيتها.
فأوحى اللّه إلى موسى: لو سجد حتى ينقطع عنقه ما قبلته حتى يتحول عما أكره إلى ما أحب.
وإذا كان الهدف من العبادة طاعة اللّه فإن ترك القبائح والمحرمات من أفضل الطاعات، بل ليس من الطاعة في شيء أن تعبد اللّه فيما لا يتصادم مع هواك، ثم تتجاهل إرادته فيما لا يتفق مع ما تشتهي وتريد. إن إبليس سجد سجدة واحدة أربعة آلاف سنة، كما جاء في الحديث، ولكن أبى أن يسجد لحظة واحدة لآدم، لأن هذا السجود لا يتفق مع غروره وكبريائه. ومن هنا قال الإمام الصادق لا تنظروا إلى طول ركوع الرجل وسجوده، فإنه شيء قد اعتاده، فلو تركه استوحش، ولكن انظروا إلى صدق حديثه وأداء أمانته.
الشيخ فوزي آل سيف
محمود حيدر
السيد منير الخباز القطيفي
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
الشهيد مرتضى مطهري
الشيخ عبد الله الجوادي الآملي
الشيخ محمد جواد مغنية
السيد جعفر مرتضى
السيد محمد حسين الطهراني
السيد محمد حسين الطبطبائي
حسين حسن آل جامع
الشيخ علي الجشي
ناجي حرابة
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبد الوهّاب أبو زيد
فريد عبد الله النمر
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان