مقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
السيد منير الخباز القطيفي
عن الكاتب :
رجل دين وخطيب مفكر وكاتب، يعد من أبرز علماء القطيف ومن خطبائها، ومن أبرز أساتذة الدراسات العليا (بحث الخارج) في الفقه والأصول في حوزة قم المقدسة، ولد عام 1384هـ (حوالي 1964م)، له العديد من المؤلفات.

السيد منير الخباز: الأعمال الأربعة في شهر رمضان المبارك

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق، سيد الأنبياء والمرسلين، أبي القاسم محمد، وعلى آله الطيبين الطاهرين.

 

أما بعد:

 

أيها الأحبة في الله، ها قد أقبل علينا شهر رمضان المبارك، شهر الطاعة والغفران، شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار، فهل نحن مستعدون لهذا الموسم الإيماني العظيم؟ هل جهّزنا أنفسنا لنكون من الفائزين ببركاته؟ إن هذا الشهر هو فرصة ذهبية للارتقاء بأرواحنا، ولن يكون ذلك إلا من خلال أعمالٍ ترفعنا درجات عند الله وتقرّبنا منه.

 

إن من أهم الأعمال التي ينبغي لنا المداومة عليها في هذا الشهر الفضيل أربعة أمور، وهي:

 

1- قراءة القرآن الكريم: نور في الدنيا والآخرة

 

القرآن هو كلام الله، ومنهجه لعباده، ونوره الذي يهديهم سواء السبيل، ففيه شفاءٌ للقلوب، وطمأنينةٌ للنفس، وهدايةٌ للإنسان في حياته وبعد مماته. فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال:


 "إن درجات الجنة يوم القيامة بعدد آيات القرآن، فمن قرأ آية ارتفع بها درجة".

 

ومن فضائل قراءة القرآن:

 

  • من قرأ خمسين آية كُتب من الذاكرين.
     
  • من قرأ ثلاثين آية كُتب من القانتين.
     
  • من قرأ عشرين آية كُتب من الخاشعين.
     
  • من قرأ عشر آيات لم يُكتب من الغافلين.
     

فليكن لنا نصيب من هذا النور كل يوم، ولو بمقدار جزءٍ واحد، نداوم عليه حتى يصبح نهجًا في حياتنا، فلا يُهجر القرآن، فهو النور الذي يضيء لنا قبورنا، وينير لنا طريقنا إلى الآخرة.

 

2- الدعاء والمناجاة: صلةٌ دائمة بالله

 

الدعاء مفتاح الفرج، وسلاح المؤمن، ومناجاة العبد لخالقه. وقد ورد في الحديث:


 "وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون".

 

أين نحن من الدعاء؟ هل نغتنم أوقاتنا في رفع حاجاتنا إلى الله؟ هل نناجيه بخشوع وتذلل؟


علينا أن نرتبط بالدعاء، ولا سيما بالأدعية الواردة عن أهل البيت عليهم السلام، ومنها:

 

  • دعاء أبي حمزة الثمالي الذي يُقرأ في أسحار شهر رمضان.
     
  • مناجاة الخمسة عشر، مناجاة التائبين، والخائفين، والراغبين.
     

فلنحرص على قراءة هذه الأدعية بتأملٍ وخشوع، فهي تهذب النفس وتربط القلب بالله، وتغرس فينا حالةً من التعلق بالملكوت الأعلى.

 

3- صلة الرحم: مفتاح البركة وطول العمر

 

شهر رمضان فرصة عظيمة لصلة الرحم، وهي من العبادات التي تؤثر بشكل مباشر على حياتنا وأعمالنا، فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم:


 "إن للرحم لسانًا طلقًا ذلقًا يوم القيامة، تقول: يا رب، صِل من وصلني، واقطع من قطعني".

 

وقد حذّر الله في كتابه الكريم من قطيعة الرحم بقوله:


 "فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم؟"

 

أهمية صلة الرحم:

 

  • تزكي الأعمال وتباركها.
     
  • تنمّي الأموال وتزيد البركة فيها.
     
  • تعمر الديار وتجلب الخير لأهلها.
     
  • تطيل العمر وتزيد في الرزق.
     

فلنغتنم هذا الشهر في زيارة الأقارب، والتواصل معهم، والسؤال عن أحوالهم، فإن في ذلك رضا الله، ورضا رسول الله، وبركةً في الدنيا والآخرة.
 

4- الإنفاق والعطاء: جوهر الإحسان في رمضان

 

الإنفاق في سبيل الله من أشرف الأعمال وأفضلها، وهو باب من أبواب البركة والرحمة. فليس الإنفاق مقتصرًا على المال فقط، بل يمكن أن يكون بجهدك، بعلمك، بوقتك، بمهاراتك.

 

صور الإنفاق في رمضان:

 

  • إطعام الفقراء والمحتاجين، فهناك الكثير ممن ينتظرون لقمةً تسدّ رمقهم.
     
  • التبرع بالمال لمن يحتاج، ولو بالقليل، فالله يبارك في الصدقة ويضاعفها.
     
  • العطاء العلمي، فمن كان معلمًا، فلينفق من علمه على طلابه بلا مقابل، فذلك من أعظم الصدقات.
     
  • المشاركة في خدمة المساجد، تنظيفها، تنظيم البرامج الدينية، والمساهمة في المشاريع الخيرية.
     

وقد قال تعالى:


 "لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون".

 

فلنحرص على أن يكون لنا نصيب من هذه الأعمال، فهي زادنا إلى الله، وسبيلنا إلى القرب منه.

 

 الخاتمة: استثمروا ساعتين يوميًّا في هذه الأعمال 

 

كل ما ذكرناه لا يستغرق من وقتنا سوى ساعتين يوميًا من أصل 24 ساعة، فهل من الصعب أن نخصص هذا الوقت لنقرأ القرآن، وندعو الله، ونصل أرحامنا، وننفق في سبيله؟

 

إن شهر رمضان ليس فقط شهر الصيام، بل هو شهر التغيير، وشهر التقرب إلى الله، فلنجعل منه نقطة تحول في حياتنا، ولنغتنم أيامه ولياليه قبل أن تنقضي ساعاته، فالفائز من خرج منه وقد غُفرت ذنوبه، والخاسر من خرج ولم يغتنم بركاته.

 

اللهم اجعلنا من الفائزين برحمتك، ووفقنا لاغتنام هذا الشهر المبارك بالطاعات والقربات، وصلِّ اللهم على محمد وآله الطيبين الطاهرين.

 

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد